السبت، ٢٥ تشرين الثاني ٢٠٠٦

قتل المسيحيين واليهود أمر من الله
"‏قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ." ‏ سورة التوبة: رقم 9 آية رقم 29


تفسير الآية حسب "الجلالين":
" قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر": وإلا لآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم
"ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله": كالخمر
"ولا يدينون دين الحق": الثابت الناسخ لغيره من الأديان وهو دين الإسلام
"من الذين أوتوا الكتاب": أي اليهود والنصارى
"حتى يعطوا الجزية" الخراج المضروب عليهم كل عام
"عن يد": أي منقادين أو بأيديهم لا يوكلون بها
"وهم صاغرون": أذلاء منقادون لحكم الإسلام.

بلغة أبسـط: يأمر الله هنا المسلمين بقتـال اليهود والمسيحيين إلى أن يؤمنوا بدين الإسلام الذي ألغى بظهوره كل الأديان الأخرى، ولا يخلّصهم من ذلك إلا دفع ضريبة الذل. ونسميها "ضريبة الذل" لأن الله يريد من المسيحيين واليهود أن يدفعوها للمسلمين وهم يشعرون بالذل حسب قول الاية.

فقد جاء في تفسير الطبري:
وأما قوله: {وهم صاغرون} فإن معناه: وهم أذلاء مقهورون. وأيضاً: أن يعطوها وهم واقفون والآخذ جالس.

وجاء في تفسير ابن كثير:
بعد ما تمهدت أمور المشركين ودخل الناس في دين الله أفواجا واستقامت جزيرة العربأمر الله رسوله بقتال أهل الكتابين اليهود والنصارى وكان ذلك في سنة تسع ولهذا تجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم لقتال الروم ودعا الناس إلى ذلك.. .. أما عن قوله وهم صاغرون: "أي ذليلون حقيرون مهانون فلهذا لا يجوز إعزاز أهل الذمة ولا رفعهم على المسلمين بل هم أذلاء صغرة أشقياء كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه" ولهذا اشترط عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلك الشروط المعروفة في إذلالهم وتصغيرهم وتحقيرهم وذلك مما رواه الأئمة الحفاظ من رواية عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال: كتبت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح نصارى من أهل الشام بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة كذا وكذا إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملتنا وشرطنا لكم على أنفسنا أن لا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديرا ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب ولا نجدد ما خرب منها ولا نحيي منها ماكان خططا للمسلمين وأن لا نمنع كنائسنا أن ينزلها أحد من المسلمين في ليل ولا نهار وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل وأن ننزل من رأينا من المسلمين ثلاثة أيام نطعمهم ولا نئوي في كنائسنا ولا منازلنا جاسوسا ولا نكتم غشا للمسلمين ولا نعلم أولادنا القرآن ولا نظهر شركا ولا ندعو إليه أحدا ولا نمنع أحدا من ذوي قرابتنا الدخول في الإسلام إن أرادوه وأن نوقر المسلمين وأن نقوم لهم من مجالسنا إن أرادوا الجلوس ولا نتشبه بهم في شيء من ملابسهم في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر ولا نتكلم بكلامهم ولا نكتني بكناهم ولا نركب السروج ولا نتقلد السيوف ولا نتخذ شيئا من السلاح ولا نحمله معنا ولا ننقش خواتيمنا بالعربية ولا نبيع الخمور وأن نجز مقاديم رءوسنا وأن نلزم زينا حيثما كنا وأن نشد الزنانير على أوساطنا وأن لا نظهر الصليب على كنائسنا وأن لا نظهر صلبنا ولا كتبنا في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم ولا نضرب نواقيسنا في كنائسنا إلا ضربا خفيفا وأن لا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في شيء في حضرة المسلمين ولا نخرج شعانين ولا بعوثا ولا نرفع أصواتنا مع موتانا ولا نظهـر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم ولا نجاورهم بموتانا ولا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين وأن نرشد المسلمين ولا نطلع عليهم في منازلهم.
قال فلما أتيت عمر بالكتاب زاد فيه ولا نضرب أحدا من المسلمين شرطنا لكم ذلك على أنفسنا وأهل ملتنا وقبلنا عليه الأمان فإن نحن خالفنا في شيء مما شرطناه لكم ووظفنا على أنفسنا فلا ذمة لنا وقد حل لكم منا ما يحل من أهل المعاندة والشقاق.


بلغة أبسط: ساير محمد اليهود والمسيحيين إلى أن استطاع أن يؤسس جيشاً يثق في قدرته على قتالهم فأعلن آنذاك الحرب ضدهم. وأكّد ابن كثير هنا في تفسيره لهذه الآية على ضرورة معاملة اليهود والمسيحيين باحتقار إلى درجة أنه يتوجب على المسلم أن يأخذ ضريبة الذل منهم وهم واقفون وهو جالس. واستشهد على ضرورة احتقارهم بما أمر به محمد المسلمين أن لا يبدءوا اليهود أو المسيحيين بالسلام. فالمسيحيون واليهود هم الذين يتوجب عليهم طرح السلام. وأنه إذا صادف أحد المسلمين في الطريق يهودياً أو مسيحياً فعلى ذلك اليهودي أو المسيحي أن يبتعد إلى أقصى الطرف الآخر من الطريق.

وجاء في تفسير القرطبي:
قال الشافعي رحمه الله: لا تقبل الجزية إلا من أهل الكتـاب خاصة عربـا كانوا أو عجما لهذه الآية، فإنهم هم الذين خصوا بالذكر فتوجه الحكم إليهم دون من ســواهم لقوله عز وجل: "فاقتلــوا المشركين حيث وجدتموهم" (التوبة 5 ). ولم يقل: حتى يعطوا الجزية كما قال في أهل الكتاب.
وقال الأوزاعي: تؤخذ الجزية من كل عابد وثن أو نار أو جاحد أو مكذب.
وكذلك مذهب مالك، فإنه رأى الجزية تؤخذ من جميع أجناس الشرك والجحد، عربيا أو عجميا، تغلبيا أو قرشيا، كائنا من كان، إلا المرتد

بلغة أبسـط: قال بعض أهل العلم من المسلمين بأنه لا يجوز أن تؤخذ الجزية إلا من المسيحيين واليهود إذا فضّلوا الحفاظ على معتقداتهم وعدم دخول الإســلام أما عبدة الأصنام وأمثالهم من المشركين فإما أن يدينوا بالإسلام أو يُقـتَـلوا حسب ما ورد في سورة التوبة: "فاقتلــوا المشركين حيث وجدتموهم"! ولكن آخرين من أهل العلم أفـتـوا بأنه يجوز أخذها من كل الناس سواء كانوا عرباً أو غير عرب أو عبدة أوثان أو عبدة نار أو غيرهم.

المختصر:
أمر الله بقتال كل الذين لا يؤمنون به وفوّض المسلمين بتنفيذ الأمر.
سمح الله لمحمد أن يساير اليهود والمسيحيين إلى أن تتوفّر لديه القوة على قتالهم. وحين تم له ذلك انقلب عليهم وأمر بقتالهم. ورغم أن الغاية من أمر الله لمحمد بقتال اليهود والمسيحيين هي أن يجبرهم على الإيمان به، فقد سمح له أن يستعيض عن ذلك بمبلغ معين من المال يسمى "الجزية" يدفعونه له لقاء المحافظة على معتقداتهم، حتى ولو كان بعض الذين يقاتلهم، حسب ما يقول العلماء، من عبدة النار وغير ذلك. دفع هذه الجزية له أصول وأيضاً "إتّكيت" ، منها أن يجلس المسلم وهو يقبضها بينما يقف المسيحي أو اليهودي ويقدمها للمسلم وهو مطأطئ الرأس ذليل النفس.
يجب أن يتحاشى المسيحي أو اليهودي أن يعترض طريق المسلم كما يجب على الواحد منهما أن يبدأ المسلم بالتحية والسلام.
جمع المال بالنسبة للفاتحين المسلمين كان أهم من نشر الدعوة الإسلامية. فقط أولئك الذين كانوا يرفضون دفع المال كانوا يُخيَّرون بين الإسلام أو الموت.

من كتاب "تيسير العسير في كتب التفاسير" لبسام درويش.

هناك تعليقان (٢):

dbyba يقول...

لا عيب في ان يكون لكل شخص منا رأيه و طريقة فهمه للامور الا اني اجدك تشرح الاٌيات من زوايا ضيقة و علي حسب غاياتك النفسية ، كن امينا في علمك، لقد وضعت التفاسير ناقصة حتى تتناسق مع ما تريد ان يفهمه الاٌخرون منك، عن تفسير ابن كثير اليك ما قمت بازالته واليكم يا اخواني القراء واسع النظر :
قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ

وَقَوْله تَعَالَى " قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّه وَرَسُوله وَلَا يَدِينُونَ دِين الْحَقّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَة عَنْ يَد وَهُمْ صَاغِرُونَ " فَهُمْ فِي نَفْس الْأَمْر لَمَّا كَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ إِيمَان صَحِيح بِأَحَدِ الرُّسُل وَلَا بِمَا جَاءُوا بِهِ وَإِنَّمَا يَتَّبِعُونَ آرَاءَهُمْ وَأَهْوَاءَهُمْ وَآبَاءَهُمْ فِيمَا هُمْ فِيهِ لَا لِأَنَّهُ شَرْع اللَّه وَدِينه لِأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ بِمَا بِأَيْدِيهِمْ إِيمَانًا صَحِيحًا لَقَادَهُمْ ذَلِكَ إِلَى الْإِيمَان بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ جَمِيع الْأَنْبِيَاء بَشَّرُوا بِهِ وَأَمَرُوا بِاتِّبَاعِهِ فَلَمَّا جَاءَ كَفَرُوا بِهِ وَهُوَ أَشْرَفَ الرُّسُل عُلِمَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مُتَمَسِّكِينَ بِشَرْعِ الْأَنْبِيَاء الْأَقْدَمِينَ لِأَنَّهُ مِنْ اللَّه . بَلْ لِحُظُوظِهِمْ وَأَهْوَائِهِمْ فَلِهَذَا لَا يَنْفَعهُمْ إِيمَانهمْ بِبَقِيَّةِ الْأَنْبِيَاء وَقَدْ كَفَرُوا بِسَيِّدِهِمْ وَأَفْضَلهمْ وَخَاتَمهمْ وَأَكْمَلهمْ . وَلِهَذَا قَالَ " قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّه وَرَسُوله وَلَا يَدِينُونَ دِين الْحَقّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب " وَهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة أَوَّل الْأَمْر بِقِتَالِ أَهْل الْكِتَاب بَعْد مَا تَمَهَّدَتْ أُمُور الْمُشْرِكِينَ وَدَخَلَ النَّاس فِي دِين اللَّه أَفْوَاجًا وَاسْتَقَامَتْ جَزِيرَة الْعَرَب أَمَرَ اللَّه رَسُوله بِقِتَالِ أَهْل الْكِتَابَيْنِ الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَة تِسْع وَلِهَذَا تَجَهَّزَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقِتَالِ الرُّوم وَدَعَا النَّاس إِلَى ذَلِكَ وَأَظْهَرَهُ لَهُمْ وَبَعَثَ إِلَى أَحْيَاء الْعَرَب حَوْل الْمَدِينَة فَنَدَبَهُمْ فَأَوْعَبُوا مَعَهُ وَاجْتَمَعَ مِنْ الْمُقَاتِلَة نَحْو مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا وَتَخَلَّفَ بَعْض النَّاس مِنْ أَهْل الْمَدِينَة وَمَنْ حَوْلهَا مِنْ الْمُنَافِقِينَ وَغَيْرهمْ وَكَانَ ذَلِكَ فِي عَام جَدْب وَوَقْت قَيْظ وَحَرّ وَخَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيد الشَّام لِقِتَالِ الرُّوم فَبَلَغَ تَبُوك فَنَزَلَ بِهَا وَأَقَامَ بِهَا قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ اِسْتَخَارَ اللَّه فِي الرُّجُوع فَرَجَعَ عَامه ذَلِكَ لِضِيقِ الْحَال وَضَعْف النَّاس كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه بَعْد إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . وَقَدْ اِسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَا تُؤْخَذ الْجِزْيَة إِلَّا مِنْ أَهْل الْكِتَاب أَوْ مِنْ أَشْبَاههمْ كَالْمَجُوسِ كَمَا صَحَّ فِيهِمْ الْحَدِيث أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوس هَجَر وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُور عَنْهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة رَحِمَهُ اللَّه : بَلْ تُؤْخَذ مِنْ جَمِيع الْأَعَاجِم سَوَاء كَانُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب أَوْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَلَا تُؤْخَذ مِنْ الْعَرَب إِلَّا مِنْ أَهْل الْكِتَاب . وَقَالَ الْإِمَام مَالِك : بَلْ يَجُوز أَنْ تُضْرَب الْجِزْيَة عَلَى جَمِيع الْكُفَّار مِنْ كِتَابِيّ وَمَجُوسِيّ وَوَثَنِيّ وَغَيْر ذَلِكَ وَلِمَأْخَذِ هَذِهِ الْمَذَاهِب وَذِكْر أَدِلَّتهَا مَكَان غَيْر هَذَا وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَوْله " حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَة " أَيْ إِنْ لَمْ يُسَلِّمُوا " عَنْ يَد " أَيْ عَنْ قَهْر لَهُمْ وَغَلَبَة " وَهُمْ صَاغِرُونَ " أَيْ ذَلِيلُونَ حَقِيرُونَ مُهَانُونَ فَلِهَذَا لَا يَجُوز إِعْزَاز أَهْل الذِّمَّة وَلَا رَفْعهمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَلْ هُمْ أَذِلَّاء صَغَرَة أَشْقِيَاء كَمَا جَاءَ فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَا تَبْدَءُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدهمْ فِي طَرِيق فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقه " وَلِهَذَا اِشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ تِلْكَ الشُّرُوط الْمَعْرُوفَة فِي إِذْلَالهمْ وَتَصْغِيرهمْ وَتَحْقِيرهمْ وَذَلِكَ مِمَّا رَوَاهُ الْأَئِمَّة الْحُفَّاظ مِنْ رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن بْن غَنْم الْأَشْعَرِيّ قَالَ : كَتَبْت لِعُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حِين صَالَحَ نَصَارَى مِنْ أَهْل الشَّام بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا كِتَاب لِعَبْدِ اللَّه عُمَر أَمِير الْمُؤْمِنِينَ مِنْ نَصَارَى مَدِينَة كَذَا وَكَذَا إِنَّكُمْ لَمَّا قَدِمْتُمْ عَلَيْنَا سَأَلْنَاكُمْ الْأَمَان لِأَنْفُسِنَا وَذَرَارِيّنَا وَأَمْوَالنَا وَأَهْل مِلَّتنَا وَشَرَطْنَا لَكُمْ عَلَى أَنْفُسنَا أَنْ لَا نُحْدِث فِي مَدِينَتنَا وَلَا فِيمَا حَوْلهَا دَيْرًا وَلَا كَنِيسَة وَلَا قلاية وَلَا صَوْمَعَة رَاهِب وَلَا نُجَدِّد مَا خَرِبَ مِنْهَا وَلَا نُحْيِي مِنْهَا مَا كَانَ خُطَطًا لِلْمُسْلِمِينَ وَأَنْ لَا نَمْنَع كَنَائِسنَا أَنْ يَنْزِلهَا أَحَد مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي لَيْل وَلَا نَهَار وَأَنْ نُوَسِّع أَبْوَابهَا لِلْمَارَّةِ وَابْن السَّبِيل وَأَنْ نُنْزِل مِنْ رَأَيْنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَة أَيَّام نُطْعِمهُمْ وَلَا نَأْوِي فِي كَنَائِسنَا وَلَا مَنَازِلنَا جَاسُوسًا وَلَا نَكْتُم غِشًّا لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا نُعَلِّم أَوْلَادنَا الْقُرْآن وَلَا نُظْهِر شِرْكًا وَلَا نَدْعُو إِلَيْهِ أَحَدًا وَلَا نَمْنَع أَحَدًا مِنْ ذَوِي قَرَابَتنَا الدُّخُول فِي الْإِسْلَام إِنْ أَرَادُوهُ وَأَنْ نُوَقِّر الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ نَقُوم لَهُمْ مِنْ مَجَالِسنَا إِنْ أَرَادُوا الْجُلُوس وَلَا نَتَشَبَّه بِهِمْ فِي شَيْء مِنْ مُلَابِسهمْ فِي قَلَنْسُوَة وَلَا عِمَامَة وَلَا نَعْلَيْنِ وَلَا فَرْق شَعْر وَلَا نَتَكَلَّم بِكَلَامِهِمْ وَلَا نَكَتْنِي بِكُنَاهُمْ وَلَا نَرْكَب السُّرُوج وَلَا نَتَقَلَّد السُّيُوف وَلَا نَتَّخِذ شَيْئًا مِنْ السِّلَاح وَلَا نَحْمِلهُ مَعَنَا وَلَا نَنْقُش خَوَاتِيمنَا بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَا نَبِيع الْخُمُور وَأَنْ نَجُزّ مَقَادِيم رُءُوسنَا وَأَنْ نَلْزَم زَيِّنَا حَيْثُمَا كُنَّا وَأَنْ نَشُدّ الزَّنَانِير عَلَى أَوْسَاطنَا وَأَنْ لَا نُظْهِر الصَّلِيب عَلَى كَنَائِسنَا وَأَنْ لَا نُظْهِر صُلُبنَا وَلَا كُتُبنَا فِي شَيْء مِنْ طُرُق الْمُسْلِمِينَ وَلَا أَسْوَاقهمْ وَلَا نَضْرِب نَوَاقِيسنَا فِي كَنَائِسنَا إِلَّا ضَرْبًا خَفِيفًا وَأَنْ لَا نَرْفَع أَصْوَاتنَا بِالْقِرَاءَةِ فِي كَنَائِسنَا فِي شَيْء فِي حَضْرَة الْمُسْلِمِينَ وَلَا نَخْرُج شَعَّانِينَ وَلَا بُعُوثًا وَلَا نَرْفَع أَصْوَاتنَا مَعَ مَوْتَانَا وَلَا نُظْهِر النِّيرَان مَعَهُمْ فِي شَيْء مِنْ طُرُق الْمُسْلِمِينَ وَلَا أَسْوَاقهمْ وَلَا نُجَاوِرهُمْ بِمَوْتَانَا وَلَا نَتَّخِذ مِنْ الرَّقِيق مَا جَرَى عَلَيْهِ سِهَام الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ نُرْشِد الْمُسْلِمِينَ وَلَا نَطْلُع عَلَيْهِمْ فِي مَنَازِلهمْ . قَالَ فَلَمَّا أَتَيْت عُمَر بِالْكِتَابِ زَادَ فِيهِ وَلَا نَضْرِب أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ شَرَطْنَا لَكُمْ ذَلِكَ عَلَى أَنْفُسنَا وَأَهْل مِلَّتنَا وَقَبِلْنَا عَلَيْهِ الْأَمَان فَإِنْ نَحْنُ خَالَفْنَا فِي شَيْء مِمَّا شَرَطْنَاهُ لَكُمْ وَوَظَّفْنَا عَلَى أَنْفُسنَا فَلَا ذِمَّة لَنَا وَقَدْ حَلَّ لَكُمْ مِنَّا مَا يَحِلّ مِنْ أَهْل الْمُعَانَدَة وَالشِّقَاق .

دراسات إسلامية مُعاصرة يقول...

حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ


مروان محمد عبدالهادي

بسم الله الرحمن الرحيم

نقف خاشعين أمام قول الحق سبُحانه وتعالى
قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ - التوبة 29

يسأل أحدهم:- أثار المستشرقون شبهات كثيرة حول الإسلام وكانت شبهة الجزية من أشهرها فكيف نرد عليهم؟

قبل ألإجابة نقول: هبَ (البعض) من السادة الفقهاء.. سلفاً وخلفاً للدفاع والرد على هذه الشبهة، قليلون منهم من جانب الصواب ولكن ليس كل الصواب.. فبقيت هذه الشبهة مسلطة على رقاب المسلمين حتى يومنا هذا.! إن سوء معاملة (البعض) من المسلمين لأهل الكتاب وتفسير الآية الكريمة تفسيراً تراثياً أسوداً.. غُلف بتبريرات وأعذار واهية، أثار هذه الشبهة لدى المستشرقين، فزرع في قلوبهم حقداً على الإسلام وأتباعه، وكأن المراد في هذه ألآية الكريمة هو تحقير (أهل ألكتاب) مما لا ينسجم قطعاً وروح تعاليم الدين القيم – ألإسلام

يقول إبن حزم في مراتب ألإجماع (1) إن الشروط ألمشترطة على أهل ألذمة في عقد الجزية هي:-

"عليهم أن يعطوا أربعة مثاقيل ذهبا في انقضاء كل عام قمري وصرف كل دينار اثنا عشر درهما، وأن لا يحدثوا كنيسة ولا بيعة ولا ديرا ولا صومعة، ولا يجددوا ما خرب منها، ولا يمنعوا المسلمين من النزول في كنائسهم، وبيعهم ليلا ونهارا ويوسعوا أبوابها للنازلين، ويضيفوا من مر بهم من المسلمين ثلاثة، وأن لا يأووا جاسوسا، ولا يكتموا غشا للمسلمين، ولا يعلموا أولادهم القرآن، ولا يمنعوا أحدا منهم الدخول في الإسلام، ويوقروا المسلمين ويقوموا لهم من المجالس، ولا يتشبهوا بهم في شيء من لباسهم ولا فرق شعرهم، ولا يتكلمون بكلامهم ولا يتكنوا بكناهم، ولا يركبوا على السروج، ولا يتقلدوا شيئا من السلاح ولا يحملوه مع أنفسهم ولا يتخذوه، ولا ينقشوا خواتيمهم بالعربية، ولا يبيعوا الخمر من مسلم، ويجزوا مقادم رءوسهم، ويشدوا الزنانير، ولا يظهروا الصليب، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم، ولا يطرحوا في طريق المسلمين نجاسة، ويخفوا النواقيس وأصواتهم، ولا يظهروا شيئا من شعائرهم، ولا يتخذوا من الرقيق ما جرت عليه سهام المسلمين، ويرشدوا المسلمين ولا يطلعوا عليهم عدوا، ولا يضربوا مسلما ولا يسبوه ولا يستخدموه، ولا يسمعوا مسلما شيئا من كفرهم، ولا يسبوا أحدا من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، ولا يظهروا خمرا ولا نكاح ذات محرم، وأن يسكنوا المسلمين بينهم، فمتى أخلَوا بواحدة من هذه الشروط،، اختلف في نقض عهدهم .. (قتلهم وسبيهم وأخذ أموالهم..!!") (إنتهى)

ويقول إبن سعد في الطبقات عن عمر: “ وضع الخراج علي الاراضين ، والجزية علي جماجم اهل الذمة فيما فتح من البلدان ، ووضع علي الغني ثمانية واربعين درهما ، وعلي الوسط اربعة وعشرين درهما ، وعلي الفقير اثني عشر درهما ، وقال : لا يعوز " أي لا يرهق" رجل منهم " أي الفقراء" درهم في الشهر" (إنتهى)
الطبقات الكبرى لابن سعد (2)

لربما يتهمنا ألبعض جزافاً، في أننا ننقل أقوال ألمستشرقين وشبهاتهم، ونحن بدورنا نرد هذه التهمة التي تخالف روح البحث المقتضب الذي بين أيدينا على أصحابها، ونسأل هل "أبو محمد علي بن احمد بن سعيد بن حزم" (ألاندلسي) المولود في قرطبة عام 384 هجري وألمتوفى عام 456 هجري، وإبن أبي عبد الله محمد بن سعد بن منيع" المولود سنة (168هـ = 784م من ألمستشرقين؟

ولكننا نسأل بدورنا السادة ألعلماء.. ألم يحن ألوقت للدفاع عن هذا الدين القيم، بدلاً من الدفاع المميت العقيم عن (البعض) من الذين أساءوا لدين الله من علماء وولاة وحكام؟ والذين لم يتدبروا قول الحق سبحانه وتعالى:

لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" (ألممتحنة 8) وقوله أيضاً:

“إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" (الممتحنة 9)

لقد تعددت مفاهيم الجزية لدى علماء الدين.. ووضع (بعضهم) لها أحكاماً جائرة تحت مسميات مختلفة ما أنزل الله بها من سلطان، وقلَت إجتهادت (بعضهم) القرآنية وكثرت أراءهم الشخصية.. وتباينت فيما بينهم، وكل أدلى بدلوه، فجعلوا من الجزية التي فرضها المولى سبحانه وتعالى عقوبة على المقاتلين المعتدين من أهل الكتاب، آتاوة على جميع أهل الكتاب بدون وجه حق!! تارة تحت مسمى حماية (أهل الذمة) وتارة تحت مسمى الصدقة!! وتارة أخرى بدلاً.. عن فريضتين فرضتا على المؤمنين، فريضة الجهاد وفريضة ألزكاة!! وأجحفها، تحت إسم (عقد الجزية) وتحت مسميات عديدة، لا يتسع المقام لذكرها جميعاً، وعليه فقد وقع (بعض) الولاة والحكام في خطأ تطبيقي ناتج عن سوء فهم النص القرآني (حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) من جهة، وعدم الإلمام بالمقاصد العامة للشريعة المبنية على التسامح، وقبول الآخر من جهة أخرى.

لا يختلف إثنان بإن ألاقتتال بين مخلوقات الله تعالى نوعان لا ثالث لهما، عدوان أو دفاع عن النفس، وقد حدد الله تعالى القتال المشروع في الإسلام بالدفاع عن النفس فقط، ونهى عن العدوان، مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى في هذه ألآيات ألكريمة:

"وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" (البقرة19)

وقوله تعالى أيضاً: “ الَّذِينَ (هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ) مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (آل عمران 195)

وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم (مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ) وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ (التوبة 12)

إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ (وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ - ا(لتوبة 36)

لقد أختلف المفسرون في تعريف ألجزية فما هو ألمعنى ألحقيقي لهذه الكلمة؟

تعريف مصطح الجزية في معاجم أللغة:

خَرَاجُ الأرض.-: ما يُؤْخَذُ من المعاهدين من أهل الكتاب ج جِزىَّ وجِزْيٌ وجِزاءٌ
ج: جِزَاءٌ. [ج ز ي] "فَرَضَ عَلَى الذِّمِّيِّ دَفْعَ الجِزْيَةِ" : الْخرَاجُ، أَيْ مَا يَدْفَعُهُ غَيْرُ الْمُسْلِمِينَ (أَهْلُ الذِّمَّةِ) فِي أَرْضِ الإِسْلاَمِ مِنْ ضَرِيبَةٍ. ."اِنْتَشَرَ الجُبَاةُ يَجْمَعُونَ الجِزْيَةَ مِنَ الأَقَالِيمِ" : خَرَاجُ الأَرْضِ.

الجزاء : هو ألتعريف ألقرآني الصحيح لإنسجامه مع آلآيات ألقرآنية العديدة، وما عداه من تعريفات بشرية فليس عندنا بشيء.. فقد جاءت هذه ألتعريفات (كتحصيل حاصل) بعد فرض الخراج وألضرائب على جميع أهل الكتاب بدون وجه حق! فمصطلح ألجزاء لا يمكن تحديده بالخراج أو ألضريبة.. فإلاَ كيف نفسر قوله تعالى:

”وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (آلمائدة 38)

وقوله أيضاً: “فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ" (آلمائدة 85)

لا نجد في كتاب الله العزيز آية واحدة تجيز ألإعتداء على أحد، وفي هذه ألآية تحديداً (ألتوبة 29) اُمرنا بالقتال المشروع، وهو الدفاع عن ألنفس والدين. لقد جاء ألامر بقتال ألذين أعتدوا من أهل ألكتاب فقط وليس أهل ألكتاب كافَة، ووقف القتال لا يتم إلاَ بعد إستسلامهم وإذلالهم (ألمحاربون) من أهل الكتاب وقهرهم، وإعترافهم بإن أيد ألمسلمين فوق أيديهم، وأن يعطوا ألجزية (ألجزاء ألمفروض عليهم) (وهم صاغرون) أي أذلاء ومقهورون، أما أهل ألكتاب من غير المقاتلين ألذين لم يشتركوا في القتال ولم يخرجوا المسلمين من ديارهم ولم يظاهروا على إخراجهم، فعلى المسلمين أن يقوموا بِبرهم وأن يُقسطوا إليهم إمتثالاً لقول الله تعالى:

“لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" (ألممتحنة 8)

وقوله أيضاً:

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (ألمآئدة 8)

إن ألسؤال ألمحوري والجوهري الذي يجب أن يتردد في خلد كل مسلم، انه كيف كان لنا أن نتوقع من أهل ألكتاب أن يدخلوا في دين ألله أفواجاً أو حتى فرادا..؟ ونحن نأمرهم بأن لا يعلَموا أولادهم ألقرآن! ونفرض عليهم أن يعطوا أربعة مثاقيل ذهبا في انقضاء كل عام قمري، وأن ويجزَوا مقادم رءوسهم، ويشدَوا الزنانير، وأن ولا يركبوا على السروج، وأن نضع الخراج علي الاراضين، والجزية علي جماجم اهل الذمة فيما فتح من البلدان! أفلم يسمع المسلمون حينها بقول الحق سبحانه وتعالى:

“ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (ألنحل 125)

إن ألإجابه ألمثلى على هذه ألشبهات هو نقد الذات أولاً، وألاعتراف بأن الولاة والحكام وقعوا في خطأ تطبيقي ناتج عن سوء فهم للنص القرآني.

إننا لا نجد حرجاً ولا نرى ضيراً بسرد هذه ألوقائع المشينة.. التي لا تشين ألاسلام بشيئ، ولكنها تشين ألذين مارسوها من (بعض) ألولاة والحكام (والبعض) من علماء الدين .. ألذين داهنواهم بشكل عام في عصرهم، كذلك (البعض) من المُقلدين من السادة الفقهاء المُعاصرون.. الذين ما زالوا بعلمٍ أو بغير علمٍ يدافعون عن تلك أالافعال!

ودمتم بحفظ ألله ورعايته. وحسبنا ألله ونعم ألوكيل

(1)
أبو محمد علي بن احمد بن سعيد بن حزم (ألاندلسي) المولود في قرطبة عام 384 هجري و توفي عام 456 هجري

(2)
(أبي عبد الله محمد بن سعد بن منيع" سنة (168هـ = 784م (في ألطبقات ألكبرى لإبن سعد)